أسباب انتشار السحر
ينتشر السحر ويتفاوت انتشاره من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان، ومن أشخاص إلى أشخاص بحسب تفاوت الأسباب.
وفي العصور المتأخرة زاد انتشار السحر، وتنوعت أساليبه؛ تبعاً لتقارب الزمان، واندراس كثير من معالم السنن.
وفيما يلي ذكر لبعض الأسباب التي ساعدت على انتشار السحر،
مع ملاحظة أن بعضها داخل في بعض، وأن منها ما يعود إلى السحرة والمشعوذين، ومنها ما يعود إلى المتلقين والمخدوعين، ومنها أسباب خارجة عن ذلك.
وبمجموع تلك الأسباب تنتشر الخرافة، ويستطير شر السحر والدَّجل؛ فإلى تلك الأسباب:
1- الجهل:
فهو على رأس الأسباب التي تمكن للخرافة والسحر والسحرة؛ فتجد من المخدوعين من يجهل حكم الشرع في الذهاب إلى الكهان والسحرة، ويجهل حُكْمَ سؤالهم وتصديقهم، ويجهل عواقب الأمور، ويجهل الأسباب الحقيقية الصحيحة للشقاء والسعادة، وتحصيل الخير.
وتجد منهم من يجهل حقيقة السحرة والمشعوذين والكهان، وتراه يغتر ببعض ما يقومون به من مخاريق وأمور خارجة عن العادة، ويغتر بما يشاع عنهم من أخبار تفيد أنهم يعالجون، أو يجلبون السعادة، أو ما يدَّعونه من العلم، والولاية، والديانة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
"وكثير من الناس يغلط في هذا الموضع، فيظن في شخص أنه ولي لله، ويظن أن ولي الله يُقبل منه كل ما يقوله، ويسلِّم إليه كلَّ ما يقوله، ويسلِّم إليه كل ما يفعله، وإن خالف الكتاب والسنة".
وقال: "وكل من خالف شيئاً مما جاء به الرسول مقلِّداً في ذلك لمن يظن أنه ولي لله؛ فإنه بنى أمره على أنه ولي لله، وأن ولي الله لا يخالُف في شيء.
ولو كان هذا الرجل من أكبر أولياء الله كأكابر الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم يقبل منه ما خالف الكتاب والسنة، فكيف إذا لم يكن كذلك؟!
2- ضعف الإيمان والتقوى:
قال الله -عزَّ وجل- في حق الذين يؤثرون السحر: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].
قال ابن رجب -رحمه الله- في بيان معنى هذه الآية: "والمراد أنهم آثروا السحر على التقوى والإيمان؛ لما رجوا فيه من منافع الدنيا المعجلة مع علمهم أنهم يفوتهم بذلك ثواب الآخرة.
وهذا جهل منهم؛ فإنهم لو علموا لآثروا الإيمان والتقوى على ما عداهما، فكانوا يحرزون أجر الآخرة، ويأمنون عقابها، ويتعجلون عز التقوى في الدنيا، وربما وصلوا إلى ما يأملونه أو إلى خير منه وأنفع؛ فإن أكثر ما يطلب بالسحر قضاءُ حوائجَ محرمةٍ أو مكروهة عند الله -عزَّ وجل-.
والمؤمن المتقي يعوضه الله في الدنيا خيراً مما يطلبه الساحر ويؤثره مع تعجيله عز التقوى وشرفها، وثواب الآخرة وعلو درجاتها؛ فتبين بهذا أن إيثار المعصية على الطاعة إنما يحمل عليه الجهل؛ ولذلك كان كل من عصى الله جاهلاً، وكل من أطاعه عالماً، وكفى بخشية الله علماً، وبالاغترار به جهلاً".
3- كثرة الوسائل المعينة على انتشار السحر، وسهولة الوصول إلى السحرة:
حيث يوجد من القنوات الفضائية، والصحف، والمجلات، والكتب، ومواقع الإنترنت، وشركات الاتصالات، ما يعين على انتشار السحر، ونفاق سوقه.
4- الطمع، والرغبة في كسب المال:
سواء كان ذلك من قبل الساحر، أو قِبل القنوات الفضائية التي تُمكِّن لهم، أو من قبل شركات الاتصال، أو الصحف أو غير ما ذكر.
فإذا اجتمع إلى ذلك ضعفُ الإيمان أو انعدامه، وقلة المبالاة بمصدر الكسب؛ فلا تسل عما سيحدث من شرخ وبلاء.
5- الرغبة في استشراف المستقبل:
فذلك يبعث إلى البحث، والسؤال؛ فالنفس الإنسانية مولعة بمعرفة الغيب.
يقول ابن خلدون -رحمه الله-: "اعلم أنَّ من خواص النفوس البشرية التشوُّف إلى عواقب أمورهم، وعِلْمِ ما يحدث لهم من حياة وموت، وخير وشر، سيما الحوادث العامة كمعرفة ما بقي من الدنيا، ومعرفة مُدَد الدول أو تفاوتها.
والتطلعُ إلى هذا طبيعةُ البشر، مجبولون عليها، ولذلك نجد الكثير من الناس يتشوفون إلى الوقوف على ذلك في المنام".
فإذا اجتمع إلى ذلك الجهل، والفراغ، وضعف التقوى؛ قاد إلى استشراف الغيب من أي مصدر ولو كان عبر السحر والشعوذة.
ولقد أشبعت الشرائع الإلهية، والرسل المبعوثون من عند الله هذه النزعة البشرية في النفس الإنسانية، فحدَّثت عن عالم الغيب، كالحديث عن الله -عزَّ وجل- وأسمائه وصفاته، وعن عالم الملائكة والجن، وعن الموت وسكراته، والقبر وفتنته، والبعث والنشور والجنة، والنار.
وكالحديث عن كثير من الحوادث المستقبلية كأشراط الساعة الصغرى والكبرى إلى غير ذلك من أخبار الغيب التي امتدح الله المؤمنين بها، وذم المكذبين بها.
6- كثرة الأمراض والأوهام:
فهذا مريض مرضاً استعصى على العلاج، وذاك يعيش أوهاماً تقض مضجعه، وتؤرق جفنه، وهلم جرا.
فالرغبة في العلاج، والشفاء من تلك الأمراض تجعل المصاب يتعلق بأدنى شيء يوصله إلى ذلك.
7- قلة العقوبات الرادعة للسحرة:
ففي كثير من البلدان يسرح فيها السحرة، ويمرحون، ويزاولون أعمالهم دون رقيب عليهم.
بل ربما وجدوا الحماية، والتصريح لهم بفتح مراكز تعلم السحر، والكهانة.
8- مشاهدة الصغار للأفلام الكرتونية المشتملة على الخرافة:
كبعض ألعاب البلايستيشن وغيرها، مما يحتوي على ممارسات المشعوذين والدجالين، مما يجعل المشاهد يستمرئ ما يراه في صغره؛ فلا يكاد ينكره حال كبره.
للشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد -حفظه الله-
نقلًا من الموقع الذي أشرف عليه: دعوة الإسلام
(بتصرف)
ينتشر السحر ويتفاوت انتشاره من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان، ومن أشخاص إلى أشخاص بحسب تفاوت الأسباب.
وفي العصور المتأخرة زاد انتشار السحر، وتنوعت أساليبه؛ تبعاً لتقارب الزمان، واندراس كثير من معالم السنن.
وفيما يلي ذكر لبعض الأسباب التي ساعدت على انتشار السحر،
مع ملاحظة أن بعضها داخل في بعض، وأن منها ما يعود إلى السحرة والمشعوذين، ومنها ما يعود إلى المتلقين والمخدوعين، ومنها أسباب خارجة عن ذلك.
وبمجموع تلك الأسباب تنتشر الخرافة، ويستطير شر السحر والدَّجل؛ فإلى تلك الأسباب:
1- الجهل:
فهو على رأس الأسباب التي تمكن للخرافة والسحر والسحرة؛ فتجد من المخدوعين من يجهل حكم الشرع في الذهاب إلى الكهان والسحرة، ويجهل حُكْمَ سؤالهم وتصديقهم، ويجهل عواقب الأمور، ويجهل الأسباب الحقيقية الصحيحة للشقاء والسعادة، وتحصيل الخير.
وتجد منهم من يجهل حقيقة السحرة والمشعوذين والكهان، وتراه يغتر ببعض ما يقومون به من مخاريق وأمور خارجة عن العادة، ويغتر بما يشاع عنهم من أخبار تفيد أنهم يعالجون، أو يجلبون السعادة، أو ما يدَّعونه من العلم، والولاية، والديانة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
"وكثير من الناس يغلط في هذا الموضع، فيظن في شخص أنه ولي لله، ويظن أن ولي الله يُقبل منه كل ما يقوله، ويسلِّم إليه كلَّ ما يقوله، ويسلِّم إليه كل ما يفعله، وإن خالف الكتاب والسنة".
وقال: "وكل من خالف شيئاً مما جاء به الرسول مقلِّداً في ذلك لمن يظن أنه ولي لله؛ فإنه بنى أمره على أنه ولي لله، وأن ولي الله لا يخالُف في شيء.
ولو كان هذا الرجل من أكبر أولياء الله كأكابر الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم يقبل منه ما خالف الكتاب والسنة، فكيف إذا لم يكن كذلك؟!
2- ضعف الإيمان والتقوى:
قال الله -عزَّ وجل- في حق الذين يؤثرون السحر: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].
قال ابن رجب -رحمه الله- في بيان معنى هذه الآية: "والمراد أنهم آثروا السحر على التقوى والإيمان؛ لما رجوا فيه من منافع الدنيا المعجلة مع علمهم أنهم يفوتهم بذلك ثواب الآخرة.
وهذا جهل منهم؛ فإنهم لو علموا لآثروا الإيمان والتقوى على ما عداهما، فكانوا يحرزون أجر الآخرة، ويأمنون عقابها، ويتعجلون عز التقوى في الدنيا، وربما وصلوا إلى ما يأملونه أو إلى خير منه وأنفع؛ فإن أكثر ما يطلب بالسحر قضاءُ حوائجَ محرمةٍ أو مكروهة عند الله -عزَّ وجل-.
والمؤمن المتقي يعوضه الله في الدنيا خيراً مما يطلبه الساحر ويؤثره مع تعجيله عز التقوى وشرفها، وثواب الآخرة وعلو درجاتها؛ فتبين بهذا أن إيثار المعصية على الطاعة إنما يحمل عليه الجهل؛ ولذلك كان كل من عصى الله جاهلاً، وكل من أطاعه عالماً، وكفى بخشية الله علماً، وبالاغترار به جهلاً".
3- كثرة الوسائل المعينة على انتشار السحر، وسهولة الوصول إلى السحرة:
حيث يوجد من القنوات الفضائية، والصحف، والمجلات، والكتب، ومواقع الإنترنت، وشركات الاتصالات، ما يعين على انتشار السحر، ونفاق سوقه.
4- الطمع، والرغبة في كسب المال:
سواء كان ذلك من قبل الساحر، أو قِبل القنوات الفضائية التي تُمكِّن لهم، أو من قبل شركات الاتصال، أو الصحف أو غير ما ذكر.
فإذا اجتمع إلى ذلك ضعفُ الإيمان أو انعدامه، وقلة المبالاة بمصدر الكسب؛ فلا تسل عما سيحدث من شرخ وبلاء.
5- الرغبة في استشراف المستقبل:
فذلك يبعث إلى البحث، والسؤال؛ فالنفس الإنسانية مولعة بمعرفة الغيب.
يقول ابن خلدون -رحمه الله-: "اعلم أنَّ من خواص النفوس البشرية التشوُّف إلى عواقب أمورهم، وعِلْمِ ما يحدث لهم من حياة وموت، وخير وشر، سيما الحوادث العامة كمعرفة ما بقي من الدنيا، ومعرفة مُدَد الدول أو تفاوتها.
والتطلعُ إلى هذا طبيعةُ البشر، مجبولون عليها، ولذلك نجد الكثير من الناس يتشوفون إلى الوقوف على ذلك في المنام".
فإذا اجتمع إلى ذلك الجهل، والفراغ، وضعف التقوى؛ قاد إلى استشراف الغيب من أي مصدر ولو كان عبر السحر والشعوذة.
ولقد أشبعت الشرائع الإلهية، والرسل المبعوثون من عند الله هذه النزعة البشرية في النفس الإنسانية، فحدَّثت عن عالم الغيب، كالحديث عن الله -عزَّ وجل- وأسمائه وصفاته، وعن عالم الملائكة والجن، وعن الموت وسكراته، والقبر وفتنته، والبعث والنشور والجنة، والنار.
وكالحديث عن كثير من الحوادث المستقبلية كأشراط الساعة الصغرى والكبرى إلى غير ذلك من أخبار الغيب التي امتدح الله المؤمنين بها، وذم المكذبين بها.
6- كثرة الأمراض والأوهام:
فهذا مريض مرضاً استعصى على العلاج، وذاك يعيش أوهاماً تقض مضجعه، وتؤرق جفنه، وهلم جرا.
فالرغبة في العلاج، والشفاء من تلك الأمراض تجعل المصاب يتعلق بأدنى شيء يوصله إلى ذلك.
7- قلة العقوبات الرادعة للسحرة:
ففي كثير من البلدان يسرح فيها السحرة، ويمرحون، ويزاولون أعمالهم دون رقيب عليهم.
بل ربما وجدوا الحماية، والتصريح لهم بفتح مراكز تعلم السحر، والكهانة.
8- مشاهدة الصغار للأفلام الكرتونية المشتملة على الخرافة:
كبعض ألعاب البلايستيشن وغيرها، مما يحتوي على ممارسات المشعوذين والدجالين، مما يجعل المشاهد يستمرئ ما يراه في صغره؛ فلا يكاد ينكره حال كبره.
للشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد -حفظه الله-
نقلًا من الموقع الذي أشرف عليه: دعوة الإسلام
(بتصرف)