السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المقال دا مش زي اي مقال
فيه فكرة عايزة كل عضو يقولى ايه هى وعايزة اعرف مقصد المقال دا من وجهة نظر كل واحد ونقول بسم الله ونبدأ:
أخذ النهر بالأنحدار من اعالى الجبال، وهو يجمع ماءه من الجداول والعيون ، ومن من الثلوج المتراكمه و البحيرات المنتشرة ، ثم لم يزل يهوي من منحدر الى منحدر، ومن جندل الى جندل، ومن واد الى واد، حتى وصل بعد سير طويل وجهد غير قليل الى بحر عظيم فسيح ، فأخذ ينصب فيه انصبابا، وينسكب فيه انسكابا.
ثم قال له بعد ان دنا فتدلى،فكان قاب قوسين او أدنى:
((ايهــا اليم الخضم المفعم ! نعمت صباحاً، ولقيت نجاحا، لازلـت ممتعا بالصحه والعافيه، وعيشتك ناعمة راضية.
((يا حبذاُ انت ايها البحر! إن ماءك ملح اجاج، وإنك دائم فى غضب وهياج، وارتعاد وارتجاج، و أنك تكثر الزئير والصياح،
ثم لا تتحرك إلا إذا دفعتك الرياح، أولست انت يا نسل الامجاد، الذى قال فيك العقاد:
يا حبذا البحر فى عمق وفى سعة
ِلو كان من سكر او كان من عسل!
((فأما وانت خال من السكر والعسل، فإنى لا أراك تنفع فى دنيا ولا تشفع فى الأخرة
قال الراوى : فلم يكد البحر يسمع هذا المقال حتى استولى عليه الغضب، واخذ يرغى ويُزبِد وانبعثت من سطحه امواج كالجبال.
فاندفعت نحو النهر فصفعته، ثم عادت فلطمته.
وقال للنهر:
ويل لك من لُكَع، سىء الادب لا يعرف لنفسه قدراً، ولا تدرك مما فى الوجود امرً،ا ما انت ايها المجرى الضئيل الحقيرالذى له طول و ليس له عرض ولا عمق، ولو شئت لطمستك طمساً ومحوتك من الوجود محوًا، لعمرى إنى جدير بابتلاعك أنت والأنهار جميعاً، لولا أنك وعصابتك أحقر من أن أكترث لكم، أو أضيع وقتى فى جدالكم)).
فقال النهر:على رسلك ايها الشيخ! وأخلق بك أن تهدئ من غلوائك، وتخفض من كبريائك، وإلا فمتى اختلت موازين الامور، فأصبح الفضل للضخامه والجسامه،
((ماذا يجدى حجمك العظيم، وسطحك الطويل العريض، ومائك مالح، و وجهك كالح، وعملك غير صالح؛ انظر إلي! ما اعذب مائى السلسبيل، وما احسن خريره وقت الاصيل،وما ابدع مجراي من منظر جميل، الناس جميعاً يغترفون من مناهلى، فكم رويت ظمآن وأسبعت جوعان! ومن ذا الذى يقرن الملوحه إلى العذوبه، ويفضل المرارة على الحلاوة، فاعترف بقصورك وعجزك، ودعنى من همزك ولمزك.
المقال دا مش زي اي مقال
فيه فكرة عايزة كل عضو يقولى ايه هى وعايزة اعرف مقصد المقال دا من وجهة نظر كل واحد ونقول بسم الله ونبدأ:
أخذ النهر بالأنحدار من اعالى الجبال، وهو يجمع ماءه من الجداول والعيون ، ومن من الثلوج المتراكمه و البحيرات المنتشرة ، ثم لم يزل يهوي من منحدر الى منحدر، ومن جندل الى جندل، ومن واد الى واد، حتى وصل بعد سير طويل وجهد غير قليل الى بحر عظيم فسيح ، فأخذ ينصب فيه انصبابا، وينسكب فيه انسكابا.
ثم قال له بعد ان دنا فتدلى،فكان قاب قوسين او أدنى:
((ايهــا اليم الخضم المفعم ! نعمت صباحاً، ولقيت نجاحا، لازلـت ممتعا بالصحه والعافيه، وعيشتك ناعمة راضية.
((يا حبذاُ انت ايها البحر! إن ماءك ملح اجاج، وإنك دائم فى غضب وهياج، وارتعاد وارتجاج، و أنك تكثر الزئير والصياح،
ثم لا تتحرك إلا إذا دفعتك الرياح، أولست انت يا نسل الامجاد، الذى قال فيك العقاد:
يا حبذا البحر فى عمق وفى سعة
ِلو كان من سكر او كان من عسل!
((فأما وانت خال من السكر والعسل، فإنى لا أراك تنفع فى دنيا ولا تشفع فى الأخرة
قال الراوى : فلم يكد البحر يسمع هذا المقال حتى استولى عليه الغضب، واخذ يرغى ويُزبِد وانبعثت من سطحه امواج كالجبال.
فاندفعت نحو النهر فصفعته، ثم عادت فلطمته.
وقال للنهر:
ويل لك من لُكَع، سىء الادب لا يعرف لنفسه قدراً، ولا تدرك مما فى الوجود امرً،ا ما انت ايها المجرى الضئيل الحقيرالذى له طول و ليس له عرض ولا عمق، ولو شئت لطمستك طمساً ومحوتك من الوجود محوًا، لعمرى إنى جدير بابتلاعك أنت والأنهار جميعاً، لولا أنك وعصابتك أحقر من أن أكترث لكم، أو أضيع وقتى فى جدالكم)).
فقال النهر:على رسلك ايها الشيخ! وأخلق بك أن تهدئ من غلوائك، وتخفض من كبريائك، وإلا فمتى اختلت موازين الامور، فأصبح الفضل للضخامه والجسامه،
((ماذا يجدى حجمك العظيم، وسطحك الطويل العريض، ومائك مالح، و وجهك كالح، وعملك غير صالح؛ انظر إلي! ما اعذب مائى السلسبيل، وما احسن خريره وقت الاصيل،وما ابدع مجراي من منظر جميل، الناس جميعاً يغترفون من مناهلى، فكم رويت ظمآن وأسبعت جوعان! ومن ذا الذى يقرن الملوحه إلى العذوبه، ويفضل المرارة على الحلاوة، فاعترف بقصورك وعجزك، ودعنى من همزك ولمزك.
* * *
قال الراوى : فعند ذلك زخر البحر وزمجــر، وعلا واستكبر، و وضع رجل على رجـل، و جعل يبرم شاربــه بيسـار ويشير مهدداً بيمينه. وقال للنهر: (( يا وضيع النسب، وقليل الأدب، أما تعلم أنى انا الذى أمدك بالماء، إذ يتصاعد من سطحى البخار، ثم تحمله الرياح سحاباً، ثم تلقى به مطراً، ثم يسيل جداول وأنهاراً حقيرة مثلك. فيالك من كافر بالمنة، جاحد للنعمة. والله لئن منعت عنك الماء والمطر، لجف أيها الشقي حلقك ، وشاه خلقك ، وانطمست معالمك، وجفت مسايلك ، ولكنى لحسن حظك انت وزمرتك كائن وتسع الصدر، لا أحفل بالصغار أمثالك ولا بالصغائر . فدعنى أيها الحقير فإنى عن جدال مشلك فى شغل)).
فأجابه النهر وهو يحاوره، لكن فى شئ من السخرية والتهكم اللاذع على طريقة الجاحظ أو طه حسين وقال:
((أجل لعمرى ، إنك لفى شغل وانشغال حقا ! فى شغل كثير عنى وعن امثالى ! ولولا أننى أجرى فى أرض مصر وهى بلاد المضحكات ، وقد ألفت رؤية المضحكات واستماعها حتى لم تعد تضحكنى ، ولولا ذلك لقهقهت ضاحكاً حتى بدا لك ما بقاعى من الحصى والرمال...أنت إذاً فى شغل عنا أيها البحر! عظيم جداً، ولكن قل لى بأبيك - إن كان لك أب - ما هذا الذى يشغلك ؟ أهو شئ آخر سوى التخريب والتدمير، والإغراق والإزهاق ؟ تسليتك الكبرى ان تظفر بسفينة مسكينة فتسلط عليها أمواجك، ثم تتلاعب بها ذات اليمين والشمال، وبعد تمعن فى تعذيب ركبها تأخذ فى ابتلاعهم والتهامهم . اجل وان بك لجوعاً لا يشفى ، وعطشاً الى الدماء لا يروى ، وشرهاً ونهماً ليس للضوارى مثلهما. وبطناً أعترف لك انه واسع فسيح ، ولكنه ملآن بالسحت والمال الحرام . فأى فخرًا لك فى هذا لو أن بك من والفهم بقدر مالك من الحجم ؟
((اما انك المصدر الذى يمدنا معشر الانهار بالماء ، فهذا كلام قصير النظر الذى لا يرى ابعد من انفه ، ولو انك لبست منظاراً لترى الامور على حقيقتها لأدركت أن الماء الذى يتصاعد بخاراً، ثم يصير سحاباً ، إنما تثيره الشمس بحرارتها وترفعه الى السماء رغم انفك ، ولو كان الأمر اليك انت ، لما ظفرنا منك بقطرة واحدة وعلى كل حال فإنا نرد إليك ماءً جارياً لا بخاراً طائرًا ولو أن ماء الانهار على كثرته لا يكفى - وياللاسف - لأن يكسبك حلاوة وعذوبة ، وستبقى مدى الدهر صاباً علقماً وملحاً اجاجاً )).
* * *
هنالك لم يطق البحر صبراً على ما توهمه قحة وبذاءة من نهر حقير ضئيل. فأرسل مده على النهر فطمسه وأخفى معالمه إلى حين فيــاويـل الضعفاء المساكين من الأقوياء المستهترين !
* * *
قال الراوى: وكان مفتش من وزراة المعارف المصرية بالقرب من مكان الحوار ، فأعجبه ما سمع و أقسم ليجعلنه موضوعاً لإنشاء العربية فى امتحان الشهادة الابتدائية.
قال الراوى: وكان مفتش من وزراة المعارف المصرية بالقرب من مكان الحوار ، فأعجبه ما سمع و أقسم ليجعلنه موضوعاً لإنشاء العربية فى امتحان الشهادة الابتدائية.
_____________________
كتبت هذه المقالة فى الموضوع المقترح على طلبة الشهادة الابتدائية فى يونيو سنة 1933 بناء على اقتراح الاستاذ الفاضل رئيس تحرير جريدة كوكب الشرق . وقد نشر بها فى 13 يونيو سنة 1933.